مصاصي الدماء في الحضارات القديمة والعربية

مصاصي الدماء مابين الأديان والواقع والخيال والأساطير

ذكرت أساطير مصاص الدماء منذ آلاف السنين في كثير من الحضارات والثقافات حول العالم مثل حضارة بلاد الرافدين واليهود وحضارة الإغريق والحضارة الرومانية. وتضمنت قصصاً عن مخلوقات شيطانية وأرواح ماصة للدماء، وهي ما يشكّل أصل قصص مصاصي الدماء في الوقت الحاضر. وبتتبّع قصص هذه الكائنات الأسطورية حول العالم نجد أن معظمها تركز على أن أصل هذه المخلوقات يعود لمنطقة جنوب شرقي أوروبا في القرن الثامن عشر، حيث ذكرت أول مرة في عدد من القصص الفلكلورية لشعوب تلك المنطقة. وفي كثير من هذه القصص ذُكر أن مصاصي الدماء هم أشباح حية أو جثث مسكونة بأرواح لمخلوقات شريرة، أو لأشخاص ماتوا منتحرين، وحتى أرواح لمشعوذات يمكن رؤيتها وتتّصف بأنها لا تموت، ويعتقد أنها قد قامت من الموت. ولكن يمكن أن تتحول جثة إلى مصاص دماء عن طريق نقل روح مصاص الدماء إليها أو أن يتحول شخص عادي لمصاص دماء عن طريق عضة مصاص دماء آخر. تلك القصص أحيانا قد تمّ تضخيمها وتهويلها، حيث سببت بعض حالات الفزع والهستيريا في بعض المناطق، وقد وصلت لدرجة قيام رجال لدين بحملات تطهير من أجل إخراج الأرواح الشريرة من الأشخاص الذين كان يعتقد أنهم مسكونون بتلك الروح الشريرة لمصاص الدماء.

باختلاف المكان والقصة، تبقى عدة قواسم مشتركة لتلك الأساطير حول العالم، أهمها الدماء بوصفها تمثل رمز الروح وقوة الحياة كما تعتبر عنصراً أساسياً لبعض الديانات مثل المسيحية. ووفقًا لبعض الكُتّاب فإن عضة مصاص الدماء من منظور التحليل النفسي تعتبر أكثر خطرا من العنف الجسدي أو من العلاقة الجنسية عند الضحية.

نتيجة الاكتشافات الجغرافية والحركة التجارية في القرون الوسطى، بالإضافة لهجرة الشعوب مثل الغجر واليهود والهنود، فقد تم نقل بعض الأساطير والقصص من مكان لآخر، مما يجعل من الصعب التمييز بين المعتقدات الأصلية وبين نتاج التبادل الثقافي والذي اختلطت فيه القصص والأساطير عن الأرواح الشريرة الجن ومصاصي الدماء. مما شكل المفهوم السائد اليوم عن تلك الكائنات الخرافية وفتح مجالات جديدة للدراسة والتخصص في هذا المضمار.

في الحضارات القديمة

تعود القصص الخاصة عن المخلوقات التي لا تموت وتتغذى بالدماء واللحم البشري لقرون عدة، وهي قصص منتشرة تقريبا في كل الثقافات البشرية. حيث اشتهرت بعض تلك المناطق بخرافات عن الكائنات التي تقتات بالدماء واللحم البشري. الحضارة الفارسية كانت أول من وصفت تلك الكائنات الخرافية عبر الرسوم الموجودة على بقايا أوانٍ فخارية مكتشفة في عدد من المواقع الأثرية. في الوقت الحاضر تعرف تلك المخلوقات باسم مصاص الدماء (بالإنجليزية: Vampire)، لكن في العصور القديمة لم يكن هذا المصطلح معروفًا ومستخدمًا، لكن كان هذا الوصف ينطبق على أرواح أو على الجن والتي تتغذى بالدم واللحم، حتى الشيطان اعتبر أحد أشكال تلك الكائنات. تقريبا كل ثقافة كان لها "مصاص دمائها" الخاص، حيث في المنطقة العربية عرف الغول وفي مصر القديمة كان أحد اشكال الآلهة سخمت. تعتبر بعض تلك الأساطير أساس قصص المصاص في فلكلور شعوب جنوب شرق أوروبا لكن المؤرخين اعتبروا أنه ليس بالضرورة أن تتصف بكل صفات مصاص للدماء.
بلاد الرافدين
جدارية تمثل ليليث السومرية

في حضارة بابل عرفت ليليث كونها شيطانة مستهلكة للدم والتي اشتقت منها مثيلتها في الثقافة اليهودية: ليليث(بالعبرية:לילית) حيث كانت تعتبر شيطانة تتغذى بدماء الأطفال الرضع. في عدة كتابات عبرية قديمة كانت تعتبر زوجة آدم الأولى قبل حواء وكانت قد تركت آدم لتكون ملكة على الشياطين، وفي نصوص أخرى يذكر أن الله قد عاقبها لرفضها زواج آدم بطردها من الجنة. ولحماية الأطفال من هجمات الشيطانة يقوم الأهل بتعليق طلسم على مهد الطفل لإبعادها عنهم.

قصص أخرى مشابهة لقصة ليليث تأتي من حضارة سومر حيث وصفت بحورية جميلة عاقر تسمى "ليليت" تبحث عن حبيب لها وعندما تجده لا تدعه يذهب أبدا وقد وصفت أحيانا بأن الرياح تأخذ شكلها أو كحيوان مفترس يطارد الأمهات وأطفالهن. ألهات بابلية أخرى مثل "أماشتو" و"غالو" قد ذكر أنهم يتصفون ببعض صفات مصاصي الدماء
"أماشتو" تتصف بأنها أقدم تاريخيا من ليليثوتعتبر ابنة إله السماء "أنو" وذكر وصفها بأنها مخلوق مرعب ماص للدماء ذو رأس أسد وجسم حمار ولكن بخلاف "ليليت" فهي تحمي النساء الحوامل، خاصة في مرحلة الولادة لكن بعد الولادة تخطف المولود وتأكل لحمه وتشرب من دمه.

غالبا ما يذكر الثلاثه مجتمعين "ليليت" و"أماشتو" و"جالو" على أنهم أرواح شريرة تهدد كل منزل وكل شخص وبوصفهم ذو خطر كبير، وجعلون من دمائهم تهطل مثل المطر في العديد من الأوصاف. جالو تظهر أيضًا في الثقافة البيزنطية أيضا تحت اسم "جيلو" "Gello, Gylo, Gyllo" بوصفها امرأة شيطانة تخطف وتقتل الأطفال.
الحضارة العربية

بعد تراجع تأثير قصص بلاد الرافدين عن مصاصي الدماء، ظهرت بعض القصص المماثلة في سلسلة الحكايات المشهورة ألف ليلة وليلة وتحكي عن مصاصي الدماء أيضًا، والتي تتحدث عن أرواح شريرة حية أو ميتة والتي ممكن أن تتحول لمصاصي دماء. إحدى تلك القصص تحكي عن زواج أمير مع مصاصة دماء تسمى "نديلة" والتي عندما يكتشف هويتها يحاول قتلها. في قصة أخرى اختطاف أميرة من قبل مصاص دماء وثم تحاول الهرب منه بخداعه وفي النهاية تعود لعائلتها.

مصاصي الدماء مابين الأديان والواقع والخيال والأساطير

هذا الموضوع كتبته يوم 13‏/02‏/2013 ضمن تصنيف , , فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من هنا .

شاركنا برأيك بوضع بصمتك معنا | التعليق مسموح للزوار

توب خبر » المرأة