الشروط الشرعية الواجبة لنفقة الزوجة على زوجها


شروط وجوب نفقة الزوجة على زوجها:-
تجب النفقة على الزوج للزوجة بالشروط التالية:-
الشرط الأول: صحة النكاح، ذلك أن سبب وجوب النفقة هو حق الحبس الثابت للزوج على زوجته بسبب عقد النكاح الصحيح، فإذا كان النكاح فاسداً لم يثبت به حق الحبس للزوج عليها، كما أن التفريق واجب بين الطرفين في النكاح الفاسد، لأنه ليس بنكاح حقيقة([1]).
الشرط الثاني: تمكين الزوجة نفسها من الزوج تمكيناً تاماً، ويستثني من ذلك صورتان:-
 إحداهما: ما لو منعت نفسها لتسليم المهر المعين أو الحال فإن لها النفقة من حينئذ، أما المؤجل فليس لها حبس نفسها له وإن حل .
الصورة الثانية: ما لو أراد الزوج سفراً طويلاً فلامرأته المطالبة بنفقة مدة ذهابه ورجوعه، كما لا يخرج للحج حتى يترك لها هذا المقدار، أي إذا لم يستنب من يدفع لها ذلك، ويفهم من القول أن النفقة يشترط لوجوبها التمكين أن العقد لا تجب به النفقة، وهو جديد قول الشافعي والقديم: أنها تجب بالعقد وتستقر بالتمكين، فلو امتنعت منه سقطت النفقة .
واستدل لكونه للتمكين لا للعقد أن العقد وجب به المهر وهو لا يوجب عوضين مختلفين([2]) ولا يسقط النفقة عذر يمنع  الجماع عادة كمرض، ورتق، وقرن وحيض، ونفاس، وجنون، وإن قارنت تسليم الزوجة، لأنها أعذار بعضها يطرأ ويزول وبعضها دائم، وهي معذورة فيها وقد حصل التسليم الممكن، ويمكن التمتع بها من بعض الوجوه([3]).
هذا وقد ذكر الفقهاء حالات يصح للزوجة الامتناع فيها من التسليم وهي كالتالي:-
1-   عدم إعطائها مهرها المعجل([4]) .
2-   لها الامتناع عن النقلة إلى دار مغصوبة لتسلم نفسها لأن امتناعها مشروع([5]).
3-   منعت زوجها من دخول دارها وطالبته  بإيجاد دار لتنقل إليه وتسلم نفسها إليه فيها([6]).
4-   عدم تهيئة البيت الشرعي، كأن يسكنها في بيت ضرتها، أو في بيت فيه بعض أهله، أو في بيت لا تتوافر ما يجب لها فيه([7]).
5-   السفر بها وهو غير مأمون عليها، كأن أراد بذلك إيذاءها، أو الإضرار بها.
الشرط الثالث: عدم نشوزها: أي عدم عصيانها زوجها وخروجها عن طاعته([8]) فيما له عليها مما أوجبه له عقد النكاح، كما لو امتنعت من فراشه .
أو خرجت من منزله بغير إذنه .
أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها .
أو امتنعت من السفر معه"([9]).
ويستثنى من هذا حالات منها:-
1-   إشراف البيت على الإنهدام .
2-   أكرهت على الخروج من بيته ظلماً .
3-   خرجت المحلة وبقي البيت منفردا وخافت على نفسها .
4-   لو كان المنزل لغير الزوج فأخرجها منه صاحبه .
5-   ما لو خرجت إلى القاضي لطلب حقها منه .
6-   إذا أعسر بالنفقة سواء أرضيت بإعساره أم لا .
7-   ما لو خرجت إلى الحمام ونحوه من حوائجها التي يقتضي العرف خروج مثلها له لتعود عن  قرب للعرف في رضا مثله بذلك .
8-   ما لو خرجت لاستفتاء لم يغنها الزوج عن خروجها له .
9-   لو خرجت لبيت أبيها لزيارة أو عيادة.
فالعذر يبيح للمرأة الخروج من بيتها([10]).
وأما إذا كانت المرأة موظفة أو ذات حرفة فإن منعها الزوج وأمرها بالقرار في البيت فلم تمتنع وخرجت فإن خروجها يعتبر نشوزاً، قال صاحب الدر المختار: "ولو سلمت نفسها  بالليل دون النهار أو عكسه فلا نفقة لنقص التسليم ... وبه عرف جواب واقعة في زماننا أنه لو تزوج من   المحترفات  التي تكون بالنهار في مصالحها وبالليل عنده فلا نفقة لها"([11]).
ومما ينبه عليه أن النفقة تصير ديناً في ذمة الزوج إذا امتنع من أدائها بعد أن وجبت عليه من غير قضاء القاضي ولا رضا الزوج، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء من الزوجة كما هو الحال في سائر الديون([12]).
مقدار النفقة:-
اختلف الفقهاء في تقدير النفقة على قولين فذهب الشافعية إلى تقديرها، وذهبوا في تقديرهم هذا إلى التفريق بين الموسر والفقير والمتوسط .
فجعلوا على الموسر كل يوم مدي طعام وعلى الفقير مد وعلى المتوسط مد ونصف، وضبطوا الفقير بأنه مسكين الزكاة، وأن الواجب غالب قوت البلد، وعلى الزوج الطحن والخبز([13]) وموءن الطبخ([14]) وقالوا بجواز الاعتياض عن النفقة ولوكانت مستقبلة على وجه، والأصح مذهباً خلافه([15]) وقالوا: لو أكلت معه على العادة سقطت نفقتها([16]) .
ويدخل في الطعام ماء الشرب، وآلة الأكل، والشرب([17]).
كما يجب أدم غالب البلد ويختلف بالفصول، وعند تنازع الزوجين فيه يقدره القاضي باجتهاده([18]) .
وذهب غيرهم إلى أن النفقة مقدرة بالكفاية، ويختلف باختلاف من تجب لها النفقة([19]) ولكل دليله والمذهبان متقاربان.
ومما تشمله النفقة المسكن، فعلى الزوج أن يهيئ مسكناً لائقا بها عادة([20]) كما أن لها الحق في انفرادها بمسكن([21]) ويجب عليه تأثيثه وتجهيزه([22]) .
وأوجب بعض الفقهاء الزينة التي تتضرر المرأة بتركها مثل: الكحل، والدهن، والحناء([23]) .
وبعض الفقهاء لم يوجب أجرة الطبيب على الزوج في حالة مرض المرأة([24])  في حين أنه أحياناً أهم من أشياء أوجبوها، أضف إلى أن العرف الجاري الآن يلزم الزوج بذلك.
وللمرأة أن تأخذ من مال زوجها إذا قتر عليها ما يكفيها ويكفي ولدها، لما ثبت في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن امرأة أبي سفيان شكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم تقتير زوجها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
ومما يدخل في النفقة الكسوة فتجب كسوتها على قدر الكفاية، وتختلف باختلاف البلاد في الحر والبرد .
قال الفقهاء: ويلزمه كسوتان واحدة للصيف وأخرى للشتاء([25]).
وقالوا: لا يجب على الزوج شراء كسوة الخروج للمرأة لتتزين بها في الأفراح والزيارات([26]).
ومما يدخل في النفقة آلات التنظيف، وما تزيل به الأوساخ كالمشط والدهن والصابون والمرجع في ذلك كله العادة([27]).

المراجع:


([1])  انظر المفصل (7/156)

([2])  انظر مغني المحتاج (3/570)

([3])  المصدر السابق (3/572)

([4])  انظر البدائع (3/422)

([5])  المصدر السابق (3/423)

([6])  انظر المصدر السابق (3/328) والهداية (3/334)

([7])  انظر الدر المختار (3/146)

([8])  انظر النهاية لابن الأثير (5/56)

([9])  المغني (8/198)

([10])  انظر مغني المحتاج (3/573)

([11])   (3/577)

([12])  المغني (8/167)

([13])  انظر مغني المحتاج (3/560)

([14])  انظر المصدر السابق

([15])  النظر المصدر السابق (3/561)

([16])  انظر منهاج الطالبين مع المغني (3/561)

([17])  انظر مغني المحتاج (3/561) وما بعدها.

([18])  منهاج الطالبين (3/562) مع المغني.

([19])  المغني (8/157)

([20])  انظر روضة الطالبين (9/52)

([21])  انظر البدائع (3/328)

([22])  سبق ذكر هذه المسالة وانظر الروضة (9/48)

([23])  انظر مدونة الفقه المالكي (2/642)

([24])  انظر الروضة (9/50)

([25])  انظر المصدر السابق (9/47)

([26])  انظر مدونة الفقه المالكي (2/642)

([27])  انظر الروضة (9/48)

هذا الموضوع كتبته يوم 13‏/11‏/2012 ضمن تصنيف , , فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من هنا .

شاركنا برأيك بوضع بصمتك معنا | التعليق مسموح للزوار

توب خبر » المرأة