"التزين" من أصول المعاشرة الزوجية
لا
شك أن للجمال أثر في النفوس، والشيء الجميل تعشقه الأعين، والزوجة التي تتزين
لزوجها وتتعطر له -فيراها وردة متفتحة، فينشرح صدره ويرتاح فؤاده- تكون قد أدت
واجباً عليها تجاه زوجها، وكذلك الزوج يجب عليه أن يتزين لزوجته وأن يجعلها تراه
كما يحب أن يراها، كما قال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين
لي؛ لأن الله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) ([1]).
وروي
عن أبي يوسف أنه قال:"كما يعجبني أن تتزين لي زوجتي يعجبها أن أتزين
لها"([2]).
ودليل
الوجوب هنا هو الآية السابقة والنظرة المقاصدية، فالحفاظ على الأسرة وطلب الشرع
للنسل والمحافظة عليه يجعل ما يوصل إليه واجباً، وما ينقضه حراماً، والنظرة
المقاصدية قاعدة عظيمة دلت عليها أدلة الشرع بالاستقراء كما قال الشاطبي في
موافقاته، فهي في حقيقتها أقوى من القواعد الفقهية الجزئية .
ومما
يفيد هنا أن الفقهاء فرقوا يبن أنواع الزينة باعتبار ذاتها، وزمانها، ومكانها.
وهذا يرينا مقدار اهتمام الدين الإسلامي وعلمائه بالأسرة، ليس فقط في عمومياتها بل
في جزئياتها الدقيقة وكماليتها، يقول القرطبي:" قال العلماء: أما زينة
الرجال فعلى تفاوت أحوالهم، فإنهم يعملون
ذلك على اللبق والوفاق، فربما كانت زينة تليق في وقت ولا تليق في وقت، وزينة تليق
بالشباب، وزينة تليق بالشيوخ ولا تليق بالشباب ... ففي هذا كله ابتناء الحقوق،
فإنما يعمل على اللبق والوفاق، ليكون عند امرأته في زينة تسرها ويعفها عن غيره من
الرجال، وكذلك الكحل من الرجال منهم من يليق به، ومنهم من لا يليق بهم ...الخ"([3])
ضوابط
زينة المرأة:-
وللزوجة
أن تتزين بما شاءت من أنواع الزينة من لباس وحلي وأدوات تجميل مع مراعاة التالي:-
1- عدم
وجود ضرر في الزينة المستخدمة.
2- ألا
يكون فيها تغيير لخلق الله، كأن تعمل عملية جراحية لتغيير شكل الأنف أو الفم مثلاً
تقليداً لأخريات، أو لما يسمى بـ(الموضة) إذ قد ورد الوعيد الشديد في ذلك، أما إذا
كان لمعالجة تشوه خَلقي فلا مانع منه.
3- ألا
تتجمل بما لا يجوز كالوشم.
4- ألا
تكون زينة محرمة كما لو وصلت شعرها بشعر امرأة أخرى، أو بشعر نجس.
ومن
الزينة الجائزة للزوجة:-
1- استخدام
المستحضرات التجميلية لتنقية الوجه وتصفيته، وأما حديث:"لعن الله القاشرة
والمقشورة"([4])
والذي فسر العلماء القاشرة بأنها التي "تعالج
وجهها أو وجه غيرها بالحمرة ليصفو لونها، والمقشورة: التي يفعل بها ذلك، كأنها
تقشر أعلى الجلد، قال الزمخشري القشر أن يعالج وجهها بالحمرة حتى ينسحق أعلى الجلد
ويصفو اللون"([5])
وبناء على هذا الحديث ذهب البعض إلى حرمة استخدام المستحضرات التجميلية لكن هذا
الحديث ضعيف ، "قال الهيثمي فيه من لم أعرفه من النساء "([6]) وعليه
فالحكم باق على الجواز.
2- صبغ
الشعر بأي لون كان السواد أو غيره.
3- نتف
الشعر من الجسم مطلقاً سواء الحاجب أم الوجه أم غيرهما .
4- استخدام
الباروكة والبوستيج إذا كانتا من غير شعر الآدمي، أو شعر نجس.
([2]) الفتاوى الهندية (5/359)
([3]) تفسير القرطبي (3/124)
([6]) المصدر السابق.
من كتاب:
المختصر في فقه الحقوق الزوجية
هذا الموضوع كتبته يوم
10/11/2012
ضمن تصنيف
العلاقة الزوجية
فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من
هنا
.
شاركنا برأيك بوضع بصمتك معنا | التعليق مسموح للزوار